الخميس، 29 أغسطس 2019

مكالمة من البيت

مكالمة من البيت

دخل أحمد منزله في الثانية عشرة صباحاً عائدا من عمله متأخرا كالعادة متوقعا الا يجد أحدا بالمنزل بعد خناقة الصباح مع زوجته التي قررت الذهاب الى امها.
أثناء فتحه لباب الشقة لاحظ صوت بالداخل وعرف أن زوجته تشاهد التليفزيون بغرفة النوم ولم تذهب الى والدتها كما هددته واسعده هذا للغاية.
وضع الموبايل والمفاتيح والمحافظ على الكونسول المجاور لباب الشقة، ولأن الجو بارد وهو قد شرب الكثير من البيبسي بعد وجبة الكبدة التي تناولها مع زميلة حسين في الشركة تذكر بمجرد دخوله الشقة مثانته الممتلئة وذهب رأسا للحمام وهو يصيح ليُسمع زوجته في غرفة النوم:
"لقد عُدت يا مها.. جيد انك لم تغادري."
ثم اغلق على نفسه باب الحمام ليستمتع بالتخلص من المياه الزائدة في جسمه وأثناء ذلك سمع طرقا خفيفا خجولا على باب الحمام ثم صوت مها تسأله في رقة:
"احمد هل ستتعشى؟ أنا لم اتعشى بعد في انتظار مجيئك."
فأحس أن زوجته تريد أن تصالحه بعد الخناقة الكبيرة التي دارت قبل نزوله للعمل وتذكر ايام زواجهما الأولى عندما كانا يأكلان كل الوجبات سويا ولا يفوت اي منهما فرصة للقرب من الاخر إلا واغتنمها، وأسعده ذلك للغاية فرد على زوجته:
"حسنا يا حبيبتي.. أمهليني دقيقة لأخرج."
أنهى ما كان يفعله ثم وقف يغسل يديه وينظر إلى لحيته النصف نامية في وجهه وتذكر أنه لم يحلق لحيته منذ أربعة أيام، اي منذ بدأت المشاكل مع مها.
حقا لم يجد لديه البال الرائق والمزاج لكي يقوم بالحلاقة دونما أن يجرح نفسه، وفكر الآن أن الوقت قد حان - بعد مصالحة مها والعشاء الثاني! - لكي يحلق لحيته.
اثناء خروجه من الحمام سمع نغمة اغنية شط اسكندرية لفيروز والتي هي نغمة رنين الموبايل فبدلا من أن يدخل غرفة النوم ليكمل حديث الصلح مع زوجته توجه ناحية الكونسول في الصالة ليرى من يطلبه على الموبايل، (البيت) كذا ظهر الاسم على شاشة الموبايل مشيرا إلى أن المتصل زوجته، ابتسم وهو يفكر في نفسه أن الأمور لا تستحق كل هذا أن تطلبه على الموبايل في الصالة وهي في غرفة النوم، ورغم ذلك رد عليها بلهجة وادعة:
"نعم يا حبيبتي..ماذا تريدين؟"
بلهجة حادة:
"ماذا اريد؟..لماذا لم تتصل بي حتى الآن يا احمد؟ اليس من حقي أن تطمئن علي بعد خناقة الصباح؟"
فانقلبت سحنته واخذ ينظر للباب وهو يقول:
"وهل تتصلين بي الآن على الموبايل لتسأليني عن عدم اتصالي بك يا مها"
ثم وهو يسمع خطواتها قادمة من غرفة النوم تجاه المطبخ سألها:
"حسنا يا مها يمكننا أن نوقف هذه الألعاب التليفونية ونتقابل وجها لوجه وقولي لي ما يحلو لك."
سألته هي:
"وكيف أراك وجها لوجه وانت في العمل وانا عند ماما منذ الصباح؟"
فقال لها وهو يضحك:
"كيف ذلك يا مها انا اسمع صوت خطواتك في البيت، (ثم بسخرية)توضيح صغير انا في البيت يا مها."
فقالت:
"انا لست في المنزل يا أحمد ولا تتلاعب بي بهذا الكلام فهذا لن يحل المشكلة التي...."
فقاطعها منفعلا:
"اذن من الذي معي في البيت .. لقد.. لقد سألتني منذ دقيقة أن كنت سأتعشى ام لا معها"
فقالت مها مصدومة:
"من؟... من هي التي ستتعشى معك يا احمد؟ قل لي ؟"
فقال لها وهو ممتقع الوجه من الخوف:
"لا اعرف.. سأدخل المطبخ لاعرف"
فقال له مها فورا:
"لا تفعل .. فقط افتح باب الشقة ونادي على الجيران وقل لهم أنه حرامي في الشقة.. لا تدخل المطبخ يا أحمد .. لا تدخل"
فقال لها وهو منفعلا بالعصبية:
"كيف اخاف في بيتي .. سأدخل لأرى ما هناك"
ثم ترك الموبايل على الكونسول والخط مفتوح ودخل المطبخ.
...............
على الطرف الآخر من المكالمة تسع مها اصوات الخطوات وهو يمشي الى المطبخ
ثم صوت شيء يقع الارض ثم صوت احمد وهو يصيح بغضب:
"من انتي .. ماذا .. مستحيل.. "
ثم بعد ثوان :
"لااااااه ..."
ثم صوت ارتطام جسم ثقيل بالأرض ثم خطوات هادئه ثم فحيح خفيف ثم انتهت المكالمة.
تمت

الاثنين، 26 أغسطس 2019

كرسي خشب أثري

كرسي خشب أثري
"لما كنا اطفال صغيرين أنا و أختي سماح اسرتنا اتنقلت لبيت ريفي قديم في بنها العسل، بابا كان دائما بيقول أنه السبب الرئيسي اللي خلاه يشتري البيت ده بجانب رخص ثمنه أنه مبني على النمط الاوروبي وده كان ملفت جدا في فترة التسعينات وكان شيء ملفت ومختلف عن بقيت البيوت اللي كنا نعرفها.
البيت كان دورين الدور الارضي كان عبارة عن صالة واسعة جدا ومجموعة غرف للخدم والخزين ومطبخ وحمام، والدور الثاني كان فيه صالة صغيرة وخمس غرف كبيرة عمرنا ما استخدمنا كل الغرف طول فترة اقامتنا في البيت رغم أنه كل الغرف كانت ليها ديكور جميل وكل غرفة كان فيها بلكونة الا اننا انا واختي كنا متعودين دايما نلعب في الصالة اللي في الدور الأول وكانت اكتر حاجة ملفتة في البيت بالنسبة لنا - انا واختي - شبح لطيف كان بيظهر لنا كل يوم تقريبا وبقول إنه كان لطيف لأنها كانت ست دائما لابسة عباية لونها ابيض وكانت دائما تبتسم لينا لما بتشوفنا بنلعب وبعدين تشوف الكرسي فين وتروح تقعد عليه.
الكرسي ده برضه كانت حكايته حكاية بابا كان شايف أنه تحفة أثرية وكذا مرة عرضه على حد من صحابه عشان يعرف الفترة التاريخية للكرسي لكن محدش قدر يجزم هو مصنوع في اي فترة بالظبط، فقد اختلفت الآراء حول الكرسي في اللي قال إن الكرسي من فترة المماليك وغيرهم جزموا برضه أن الكرسي من فترة الاتراك وفيه اللي قال لبابا أن الكرسي ده من عصر سيدنا سليمان وأنه له قوى خفية سحرية.
المهم أنه محدش خالص قدر يشوف الشبح اللطيف اللي كان مش بيفارقنا واللي كانت بتتعامل معانا بكل حب لدرجة إن اختي كانت بتقول عليها ماما!
قعدنا في البيت اربع سنين لغاية لما بابا اتوفى وماما فضلت تراعينا في البيت طول السنين دي لدرجة إني احيانا كنت بصحى من النوم عشان اشرب الاقي جنبي كوباية مية وأنا متأكد إن ماما الشبح هي اللي حطاها جنبي عشان مانزلش المطبخ بالليل لوحدي.
بعدها سبنا البيت وبناء على رغبة أمي روحنا تاني نعيش في القاهرة جنب خالي محمد والنهاردة بعد مرور أكثر من خمستاشر سنة على القصة دي وانا قاعد على الانترنت شوفت جروب عالفيس بوك بيعرض صور من جرايد ومجلات قديمة لفت نظري صورة للبيت اللي كنا فيه من جرنان قديم من الأربعينات ولما قريت الموضوع عرفت أن البيت ده كان مملوك لراجل انجليزي ومراته وكان عنده طفلين ولد وبنت وفيوم الست عرفت أنه جوزها بيخونها وقررت انها تنتقم منه راحت أعطت للولد والبنت كل واحد كوباية لبن مخلوطة بالسم وبعدين نزلت في الصالة وشنقت نفسها بعد ما وقفت على الكرسي .. الكرسي الخشب الاثري."

السبت، 24 أغسطس 2019

تحت السرير


أبدأ بوضع ابني ذي الأربعة أعوام في سريره وإذ به يقول:
" أبي، تحقق من الوحوش تحت سريري."
أنظر إلى الأسفل فقط من أجل إرضاءه لأراه هو هو لكن آخر، تحت السرير، يحدق بي بعينين مليئتين بالدموع مرتعشاً ويهمس:
" أبي، هناك شخص ما شبهي على سريري."
تمت

الجمعة، 23 أغسطس 2019

قبو المنزل الجديد

من مذكرات محلل نفسي

في إحدى جلسات التحليل النفسي قالت لي الصغيرة مي ذات الأعوام الأربعة:
"لا أعرف لماذا عادت تلك المرأة الشقراء حلمي مرة أخرى؟"
"لماذا تكرهينها يا مي؟"
(بلهجة متأففة)
"لأنها وفي كل مرة تخبرني أنني ابنتها وأن أمي ما هي إلا امرأة سرقتني منها من زمن."
"إنه مجرد حلم"
"وما أدراك؟.إنني أبدو حتى شقراء مثلها في حين أن أمي سمراء!!"
"هل لهذا تصرخين على أمك؟"
"لا أعرف فأنا لا أحب بيتنا الجديد."
"وما عيب بيتكم الجديد؟"
(وهي تبتسم وكأنها تتذكر)
"لا شيء إنه واسع ومشمس طوال اليوم والحديقة رائعة، (تقطب وجهها كمن تذكر شيئاً مخيفا)لكن القبو.."
"ماذا به؟"
"حسنا سأخبرك.. منذ انتقلنا للمنزل الجديد وأنا أسمع صوت كلب في القبو."
"ربما هو كلب الجيران لقد عرفت من أمك أن الفيلا المجاورة لكم بها أكثر من كلب."
"لا ليس كلاب الجيران، فكلاب الجيران كلهم كلاب كبيرة، أما هذا فصوت كلب صغير..ذلك الذي نسميه..."
"جرو؟"
"نعم ما أسمعه في القبو صوت جرو صغير يزمجر يخمش بمخالبه حائط القبو يتنفس بصوت عال بأنفاس متلاحقة."
"ثم؟"
"ثم لا شيء.. لم أستطع ولو لمرة واحدة أن أرى هذا الجرو..وذات مرة غافلت أمي ونزلت نحو القبو وبمجرد أن فتحت القبو وانحنيت لأرى ما بالأسفل وجدت أمي خلفي وهي تصيح وتهددني أنها سوف تحبسني في غرفتي لبقية الأسبوع..(ثم وهي تعتدل في جلستها كمن يقر أمرا واقعا) حسنا سأخبرك لم يحدث أن صاحت علي أمي أبدا بهذه الحدة من قبل لذا سيطر علي الخوف ولم أعد للقبو أبدا من تلك المرة."
(نظرت في ساعتي ثم قلت لها)
"حسنا يا مي.. انتهت جلستنا لهذا الأسبوع..أراك الأسبوع المقبل."
"حسنا يا دكتور.. سلام.(تنزل من على الكرسي وتتوجه ناحية الباب ثم تتوقف كمن يريد شيئا اخر)دكتور..قبل أن أغادر هل يمكن أن أسألك سؤالا؟"
"أي سؤال يا مي؟"
"لماذا كان الجرو الصغير في قبو منزلنا يبدو غريبا؟"
(اعتدلت في جلستي وأنا أسألها)
"وكيف كان يبدو يا مي؟"
"كان يبدو لي مثل ولد يزحف على بطنه وليس له يدان أو قدمان."(ثم غادرت العيادة فوراً تاركة إياي مذهولا)
تمت