الاثنين، 9 ديسمبر 2019

قصة الحب والجنون


حكاية قديمة عن الحب والجنون.
كان في زمن ما قبل الزمن للمشاعر أجسام مادية بجانب حضورها المعنوي، فكنت تستطيع أن ترى الحب والكراهية التفاؤل والامل التشاؤم والحسد وهكذا جميع المشاعر كان لها وجود مادي.
المهم أن الحب والجنون كانا صديقين حميمين يقضيان أغلب اوقاتهما معا ولا يفترقان إلا في نهاية اليوم، فكانت لهما العديد من الصولات والجولات، وكان وجودهما الدائم سويا أكبر باعث لأحدهم كي يراقبها بغير رضى، وكما توقعتم كان هذا المراقب هذا هو الحسد.
كان الحسد من أشد المعجبين بصداقة الحب والجنون ولكنه في ذات الوقت كان يتمنى لو أنه أصبح هو الصديق الثالث لهذا الثنائي الرائع وعندما حاول التقرب منهما أخذ الحب في التنصل من الحسد بنعومة وبروية يريد أن يبعده بهدوء ودون مشاكل ولكن لما أصر الحسد على مرافقة الصديقين انفجر فيه الجنون صائحا ومهددا إياه بالصور وعظائم الامور لو لم يتركهما في حالهما.
ومن ساعتها والحسد لا يكف عن حسد الصديقين على صداقتهما وتمني زوال هذه الصداقة.
وذات يوم بينما الحسد يراقب الصديقين وهما يلهوان في نهر النيل بدأ الجنون يرش صديقه الحب برذاذ الماء بقوة ولكن دونما أذى، استغل الفرصة الحسد وظهر لهما وبحكمة ظاهرة وخبث خفي نصح الجنون أن يكف عن نزقه وإلا أصاب صديقه بأذى، جن الجنون لم وجد الحسد داخلا بينه وبين صديقه فأخذ يهدده أنه سوف يؤذيه لو لم يختفي من أمامه في الحال، تظاهر الحسد بالانكسار والزعل من أثر كلمات الجنون بل إنه بلل لحيته بدموع التماسيح ما استفز الحب ليدافع عن الحسد الذي أتاهما ناصحا فزجره الجنون وأهانه.
ولم يتوقف الأمر عند أن يكون خلافا في وجهات النظر بل تطور الشقاق بين الصديقين حتى أضحى تلاسن والتلاسن أفضى لتشاحن والتشاحن أدى لشجار وكان الشجار عنيفا أراد الحب حسمه منذ البداية فرفع صديق الامس/عدو اليوم الجنون - وكان خفيف الوزن رغم جنونه- من وسطه ودار به دورتين في الهواء ثم هوى به على صخرة ناتئة من الأرض فشجت رأس الجنون وزاد جنونه حتى لقد استعرت النار في عينيه بالغضب - حقا لا تشبيها - فأخذ يلتقط الحجارة والأغصان الجافة وقضبان الحديد وقطع الصخور وكل شيء من الأرض ويرمي به صديق الامس/عدو اليوم حتى أنه رماها لأكثر من مائة شيء في أقل من دقيقة ولم يكن كل هؤلاء يؤذي الحب فقد كان فارع الطول ذي بسطة في الجسم إلا أنه كان منا التقطه الحنون من الأرض إبرة كبيرة ما إن رماها الجنون على عين الحب حتى فقأتها وصاح الحب صيحة عظيمة يتألم وينعي عينه الضائعة.
وبعدها مثل الاثنان الحب والجنون أمام المحكمة وحكم القاضي بأن يظل الجنون يقود خطى الحب الاعمى طوال حياته تكفيرا عما فعله في صديقه.
وصارت الحياة من وقتها الحب أعمى يقوده الجنون.
تمت