في عصر أحد الأيام قبل أيام قليلة من احتفالات الكريسماس عام 1995 ، في حي صيدا في بيروت أمام محل جاتسبي فاشون للملابس، فاجأت ميرا حلاق ذات التسعة عشر ربيعا التلميذين الواقفين على باب المدرسة الثانوية الانجيلية واللذان لم يكادا يبلغان من العمر 14 عامًا وعرضت عليهما الحضور إلى بيتها – ثم وهي تغمز بعين واحدة في دلال – وذلك للاستماع إلى موسيقى الهيفي ميتال وختمت الحديث بأن سألتهما إذا ما كانا يحبان ذلك أم لا؟ وفورا سارع آدم أكبر المراهقين سنا – بفرق شهور – بأن قال لها أنهما موافقان ثم تعارف الجميع على الفور.
ولم يكن أيا من الولدين مايكل ربيعي و آدم مولاي يعرفان على وجه التحديد ما هي موسيقى الهيفي ميتال لكنها كانت دعوة من فتاة وهما بالتأكيد لن يرفضانها!!، والجميل في الأمر أنهما يحبان الموسيقى – الأنواع العادية من البوب أو الروك – لذا بدت الصفقة لا خسارة فيها !!، ثم ما الذي يدعوا للخوف في قبولهم الدعوة من صديقتهم الجديدة ميرا حلاق ثم فكرا كلاهما – في خبث – أنها تكبرهم فقط بسنوات قليلة!
بمجرد الوصول إلى البيت، وجد مايكل وآدم أن ميرا تعيش في فوضى لا توصف حيث تتناثر أغلفة التسجيلات الموسيقية لفرق Iron Maiden و Metallica جنبًا إلى جنب مع جبل ضخم من الكتب، وكلها تتحدث عن القتل والقتلة! فهنا مذكرات للقاتل المتسلسل تشارلز مانسون.وهذه مجموعة كتب عن إد جين وهنا مجموعة قصاصات من جرائد مختلفة تتحدث عن سلسلة جرائم قتل تحدث في لبنان منذ مطلع العام حتى الآن!! والمذهل كان أنهما قابلا في وسط – ما يفترض أنه – غرفة المعيشة يوجد مذبح مطلي باللون الأسود ومزين من كل طرف بشموع طويلة مضاءة وعلى الجدار في الخلفية صورة تم لصقها للجدار تمثل كائنا أقل ما يقال عنه أنه بشع الخلقة او أنه الشيطان ذاته!!.
وفي عجالة – بلهجة محايدة تماما – و وعلى طريقة المرشدين السياحيين تشرح ميرا لضيفيها الذن تفاجأا تماما:
"هذا المذبح هو مذبح الأرواح. أنا وصديقي جان روحانيان، ونحن نستطيع التواصل مع الأرواح والموتى من خلال عدة طرق – ثم ضيقت عينيها وهي تنظر إليهما مباشرة – أنتما بالغان بما يسمح لكما أن تتواصلا مع الأرواح .. أليس كذلك؟؟"
ارتبك كلا من آدم ومايك ولكن آدم كان أسرع بديهة من مايك إذ رد عليها بأن سألها:"وكيف تقومون بالتواصل مع الأرواح؟" سمعوا جميعا حينها المفتاح في باب الشقة ثم فتح الباب وظهر جان بالباب شاب أشقر فارع الطول ذي عينين غائرتين وشعر محلوق تمام وكثير من الأوشام التي تكسو مناطق عديدة من جلد الفتى، حينها أجابت ميرا في بساطة:" حسنا ها قد أتى جان..وهو يمكنه أن يشرح لكم أفضل مني." دخل جان ببساطة ولم يحي أي أحد ممن في الغرفة ولكنه نظر إلى آدم ومايك ثم أشار إلى لوحة لعبة ويجا عند سفح المذبح وهو يقول :"لم لا تجربا الويجا؟" ثم أكمل وهو يتناول اللوحة ويضعها على منضدة كبيرة كانت موجودة وحولها أربعة كراسي :"الويجا أسهل طريقة للتواصل مع الأرواح..هيا لنبدأ." فنظر آدم نحو مايك الذي سأل وهو ينظر ناحية ميرا:"هل نبدأ الآن فورا؟" فقالت له وهي تتخذ مقعدا من الأربعة حول المنضدة بجوار جان:"ربما من الأفضل أن تأخذ الإذن من ماما أولا؟" قالتها وهي تمط حروف كلمة ماما وتنطقها كالأطفال لتشير إلى أن مايك ليس رجلا بعد!!
للأسف – وتحت ضغط الحياء – قبل الولدان أن يلعبا الويجا وجلسا للمائدة حول لوح الويجا ، وبدأ جان يشرح لهم :"وفقًا للعرف ،يجب أن يضع كل واحد منكم يده على المثلث المتحرك الموضوع في وسط اللعبة ، ثم اتركوا الباقي عليّ..هل هذا مفهوم؟" اومأ الولدان برأسيهما أن نعم، وعلى الفور بدأ جان في كسر حاجز الصمت بصوته التينور الغليظ :"أيتها الأرواح ، إذا كنتي معنا الآن، أعطنا أوامرك! قولي لنا رغباتك ! ايتها الأرواح ماذا تريديني أن افعل؟ "ثم دمدم بكلمات غير مفهومة بنبرة مخنوقة وحنى رأسه على صدره كمن غاب في سبات عميق ولفترة تخطت الدقيقتان لم يسمع الفتيان سوى صوت تنفس جان ورأسه مازال على صدره.
ثم فجأة قامت ميرا ووضعت ذراعيها حول ذراعي مايكل ثم رفعته من مكانه ودفعته نحو أريكة كانت بجانب المائدة، وفي نفس التوقيت نهض جان وسحب سكينا حادا طويلا كان معلقا على الجدار خلفه وانهالت الطعنات على جسد آدم وكان الفتى لايزال مصدوما والتعبير الغالب على وجهه ليس الألم بل الدهشة، عشر طعنات انهالت على جسد آدم حتى صرخت ميرا:"توقف يا جان ..توقف ..لقد مات أيها الغبي!!"
ثم تركت مايكل على الأريكة وذهبت لتمسك بيد جان الذي لم يتوقف عن طعن الفتى الميت أمامه، وكانت الفرصة الوحيدة لمايكل ليهرب .. وهرب بالفعل، هرب وترك خلفه صديقه المقتول وذهب إلى مركز الشرطة.
عندما هدأ جان أمر ميرا بمساعدته ثم قاما بلف الجثة في ملاءة وبطانية.ثم أغلقا عليها كيس بلاستيك مثل الذي توضع به الجثث وقد قررا نقله في صندوق سيارتهم للتخلص منه في البحر.
تم القبض عليهما بعد ذلك بوقت قصير بناءً على إفادة مايكل ربيعي الذي نجا من القتل ، واتضح أن عابدي الشيطان كانا بالفعل موضوع تحقيق مزدوج من قبل الطب النفسي والشرطة.
خلال مثوله أمام المحكمة ، أوضح جان أن الأصوات سمعها من مجلس الويجا دفعته إلى ارتكاب جريمته. وكان القضاة قد قرروا حبسه مدى الحياة في مستشفى نفسي ، وهو مستشفى للأمراض العقلية شديد الحراسة. وحكموا على شريكته بالسجن عشر سنوات في مؤسسة نفسية أخرى.
ويبقى السؤال هل الويجا حقيقة أم مجرد لعبة؟