الجمعة، 26 نوفمبر 2010

عن انقراض اللغة .. نتحدث .

منذ فترة ليست بالطويلة وهذا الموضوع يشغل بالي , موضوع انقراض اللغة العربية وزادت مخاوفي من انقراض اللغة لملاحظتي لمجموعة كبيرة من الشواهد التي تدل على ذلك ومنذ فترة قصيرة قرأت مقالا يتحدث عن مسألة وضع اللغة العربية في عداد اللغات الميتة .. أي نعم في عداد اللغات الميتة , وكان ذلك في التقرير الذي تصدره جمعية ( مناك ) - هكذا قرأتها - والمعتمد من الخارجية الأمريكية لأنه وبحسب التقرير لم تعد العربية لغة تفاهم يومية بين العرب إنما صارت لغة تفاهم بين مليوني نسمة ليس أكثر في حين أن اللهجات المحلية ( لبناني , مصري , مغاربي ) هي اللغات التي تستخدم في التفاهم بين الناس اللذين يسمون أنفسهم بالعرب , وبالطبع فإن هذا الكلام به الكثير من التجني لأن العربي الشامي حينما يقابل المغربي أو التونسي لا يعجزان عن التواصل باستخدام لهجاتهم المحلية التي لم تذهب بعيدا عن اللغة الأم كما أن اللغة العربية كاللاتينية أو الآرامية التي هي لغات بطلت منذ زمن ولم يعد هناك شعب يتكلمها بل العربية تم تحويرها قليلا لتصبح لهجة محلية , كما أن اللغة الانجليزية نفسها بها العديد من اللهجات التي لا يمكن أن تكون مثل اللغة الأصلية بل تم تحويرها هي الأخرى فليس الانجليزي الهندي مثل البريطاني أو الأمريكي وعلى ذلك فإن الموضوع به الكثير من التهويل - ونظرية المؤامرة تفوح بوضوح - . ولكن المشكلة الأصلية ليست في هذه التقارير بل فينا نحن العرب فقد أصبح العرب لا يهتمون بلغتهم كمثل ذي سابق لأنهم ببساطة يتم سحقهم يوميا بين شقي الرحى في رحلة عناء يومية سعيا وراء ما يسمى بلقمة العيش ولكن هذا أيضا ليس السبب الوحيد بل هناك أسباب أخرى مثل اليأس العام والإحباط وعد القدرة على الحلم بالأفضل لأنها ( ضاقت فلما استحكمت حلقاتها صارت تضيق أكثر ) بل إن المتخصصين في شئون اللغة صاروا اقل اهتماما وصار شان اللغة من الهوامش التي لا يمكن أن تجد من يحاول الكلام فيها ناهيك عن حل معضلتها أضف على ذلك معوقات التعليم في بلادنا فالاتجاه التعليمي الآن في بلادنا يتجه ناحية استنساخ أجيال من البشر المدجن الموالي للحاكم أيا كان وتطبيقا لمقولة ( مات الملك عاش الملك ) ولا يوجد منهج تربوي حديث متوافق مع متطلبات عصرنا ويعطي نتيجة تعليمية تنهض باللغة بل على العكس تراجعت اللغة العربية - ومعها الدين الإسلامي والمسيحي - من المناهج المدرسية لتحل محلها اللغات الغربية والمناهج الترفيهية ولا يسعني هنا أن أتحدث عن نظرية المؤامرة ففي ذلك ( تكرارا لا يخلو من إملال ) ولكن والحال هكذا دعني أسأل نفسي - ونفسي فقط - لماذا تستعين وزارات التعليم العربية بخبراء تعليم من دول غربية مع الأخذ في العلم أن لهذه الدول مصالح ونفوذ لا تقوى ولا تجوز سوى باستمرار حالة الضعف والهوان التي نعيشها الآن فقل لي بالله عليك أليس استعانتك بشريك له مطمع فيك أليس ذلك من سوء الفطن وأرد على نفسي وأقول رما كان هذا لغرض في نفس يعقوب , فتجادلني نفسي وتقول أنت تعرف ما فيها ولست في حاجة لأكل البيضة كلها لمعرفة فسادها . علاوة على كل ما سبق فإن العرب أنفسهم آخذين في التآكل وغلب عليهم التأمرك ( من أمريكا ) والتغريب ( من الغرب ) فقد صارت العمة في مصر والعقال في السعودية من مظاهر التخلف والدلالة على انك فلاح لا تفهم في هذه الأمور بل لقد صارت رموز مثل الخيل ( سباق الأمير فلان ) والسيف ( مسابقة الهيولة برعاية الأمير علان )والشعر العربي ( مسابقة شاعر التريليون برعاية الأمير دهشان )صارت هذه مسابقات تجنى من ورائها الملايين وتم تفريغها من كل مفهوم ثقافي عربي بل صارت من ألعاب القمار ( اتصل واربح وسعر الدقيقة كذا واتصل أكثر فرصتك في الفوز تكثر ) كل هذه الأشياء - ( كما ترى .. هي أشياء لا تشترى ) كما قال من رأى بعيني زرقاء اليمامة - صارت لا شيء وصرنا نحن أمة من المتبارين في المسابقات والمتصلين بالمسابقات والسائرين في ركاب الفائزين والفائزات وهكذا تآكل المفهوم وصار خيالا علما مع العرب أيضا ولم يعودوا عربا ولا أمريكان ولا غربيين صرنا في نطاق الجات والهيمنة الأمريكية والقرية الواحدة صرنا مثل اليهود السفا رديم في إسرائيل وهم يهود الشرقيين الذين هاجروا لإسرائيل ويعملون في أحط الأعمال ويعاملون معاملة سيئة وهم أول من يوضعون في مقدمة الجيش الإسرائيلي , صرنا نحن مثلهم ولكن في النطاق الهمايوني الجديد للعالم المتحد . بعد كل ما سبق .. هل هناك أمل بالطبع أقول نعم ولكن ضئيل لأن ( خير أمة أخرجت للناس ) قد انقرضت وأحفادها وورثتها في سبيلهم للانقراض أيضا وفي غضون سنوات سيكون كل شيء قد اختلف تماما .. لذا فإن الأمل في الله قائم دوما و أخشى أن الأمل موجود ولكن لا يسكن قلوبنا .