الاثنين، 18 يناير 2016

سبهللا


عجيبة هذه الحياة .. وامرها محير للغاية .. وحياتنا دوما ضائعة ما بين ضياع مقنن وضياع مقنع وضياع سافر وضياع سهوا وضياع متعمد ، تصحو من النوم الذي هو ضياع وقتي للحياة تلك المنحة الثمينة التي منحنا الله إياها غير مدركين لأهميتها ومنّا من يضيع من حياته الكثير ومنّا من يقتصد فيما يضيع من حياته بالنوم !، ثم نبدأ بمهام تبدو لنا غاية في الأهمية ونابع اهميتها من انها تعني لنا الاستمرارية في الحياة – هذه المنحة الغالية التي نضيعها - !!؟؟ ، تُلَبي نداء الطبيعة وتغسل وجهك وتبحث عما سترتدي في كل يوم – برغم قلّة الاختيارات في المعتاد وتشابه النتائج في الأغلب – تبحث عما تتناوله – حشو المعى – من أطعمة مسرطنة ومدهننة ومسمنة حاملا في ذهنك أنك تقوم بمهمة حيوية ( Vital ) لا تستطيع الاستغناء عنها – وذلك لسخرية القدر فأنت تعلم أنك كاذب وتستمر !! – تبحث عن وسيلة مواصلات غير آدمية لكي تصل إلى العمل – السخرية الأكبر والنكتة القبيحة في حياة الكُلّ – حيث تضيع من بين يديك ومن رأسك ومن عاطفتك كل الوسائل و الهِبات التي منحها الله لك ، تضيع همتك وعزيمتك وقوتك وفكرك ومجهودك واجتهادك وأمالك وطوحاتك وأحلامك في عمل تزعم أنه من أجل لقمة العيش لك ولللأبناء – لكي تستمر طبعا وبكل السخرية في الحياة! – وبعد ضياع وقتك فيما زعمت أنه العمل تبدأ الكَرّة مرة أخرى في رحلة العودة من العمل فالبحث عن وسيلة مواصلات غير آدمية تصل بها إلى بيتك لتواصل عملية حشو المعى بسرطان آخر ودهن آخر وسمن آخر ، وفي ذهنك الواعي أن كل هذا من أجل الحياة واستمراريتها ، من أجل الأبناء ومستقبلهم ، من أجل الوطن ورفعته ، تكذب على نفسك وتسعى لإقناع نفسك بأنك على الصواب بأنك على الجادة الصحيحة بأنك في التراك السليم تسابق مع من يتسابقون من أجل الغايات التي تهون من اجلها الحياة !!

وعندما نصل لهذه النتيجة فلنسأل انفسنا هل الحياة التي نحياها تستحق أن نفقد من أجلها الحياة !؟ ، هل حياة العمل الروتيني اليومي المفضي إلى لا شيء وما يتخللها من أوقات هي في جوهرها محض لا شيء هل هذه الحياة تستحق أن نضحي من اجلها بالحياة !؟؟
وما الحياة اصلا إن لم نستطيع من خلالها تحصيل علم ينفع دنيا وآخرة أو عمل يرفع ويعود بالفائدة دنيا وآخرة أو حتى متع زائلة مذهلة ؟!
ما الحياة ؟ ، يذكرني هذا التساؤل بكلمة تكثر في كلام المصريين ولا يدركون أنه مصطلح عربي فصيح وهو (سبهللا) فهذه الكلمة تعني بالفصحى : لا لدنيا ولا لآخرة ، فإن كانت الحياة سبهللا فما أصبرها على الموت.