عندما نروي قصة الفتاة البيضاء فإنه هناك أكثر من رواية نروي بها القصة ولكننا هنا لا يعنينا الرواية الفرنسية او الأمريكية من القصة بل يعنينا الرواية التي حدثت عندنا.
يحكي لنا الدكتور أيمن :"كنت ذات ليلة عائد لمنزلي من المستشفى بعد يوم طويل مرهق فحصت فيه مائة مريض بأمراض الكبد ومائة مرضى بالبنكرياس ومائة آخرين لم أعرف لهم تشخيصا محددا فأرسلت من أرسلت للمعمل أو الأشعة كي يستتب لنا الفحص، باختصار كان اليوم مرهقا، وما أن وضعت نفسي في سيارتي حتى بدا النوم يهاجم مقلتي وأنا بعد ما أزال في الطريق للمنزل."
"أنا أعمل في مستشفى القصر العيني المشهور القاهرة ولكن منزلي في الجهة المقابلة بجوار برج أم كلثوم بالزمالك وبطبيعة الحال فإن هذا المسافة تستغرق مني ما يقرب من 20 إلى 40 دقيقة بالسيارة، وأثناء عودتي في تلك الليلة من شارع القصر العيني عند منطقة جاردن سيتي بعد شارع سعد زغلول وجدت امرأة تلبس فستانا ابيض مثل فساتين السهرة التي كنت أراها بالأفلام الأمريكية! تقف على ناصية الشارع كمن يبحث عن شيء ما، توقفت فورا لما رأيتها وناديت أسألها ان كانت تحتاج لشيء ونظرت هي تجاه السيارة في شرود ثم جاوبتني بصوت ضعيف نعم من فضلك اريد الذهاب إلى الزمالك!!، عندها فكرت ان يا محاسن الصدف .. يا ليتها تكون جارة لي ثم اشرت لها ان تعالى اركبي معي السيارة فركبت بلا تردد وأجفلني ذلك لثانية أو اثنتين ولكن استولى علي نشاط عجيب جعلني كمن استيقظ لتوه من النوم وانا أفكر أنني ولأول مرة في حياتي اجلس مع امرأة في مكان وحدنا سألتها أين تسكنين في الزمالك قالت لي عمارة أحمد الباهي وكانت اجابتها بكلام سريع مقتضب كمن لا يريد الكلام أصلا ولكنني لم اعرف أين تكون هذه البناية لذا سألتها مجددا وأين هي عمارة أحمد الباهي فاجابت وهي تشيح بنظرها للخارج عبر النافذة المغلقة فقط أنزلني عند البنك اليوناني.. ووصلنا إلى وجهتنا بسرعة للأسف كانت حركة المرور سهلة! وعند البنك اليوناني في شارع صلاح الدين أنزلتها ولم تتكلم هي ولم تشكرني على توصيلها ولكنها سحرتني مرة أخرى بفستانها الأبيض ونظرتها الخائفة المتلفتة وناديتها بصوت عال لأسألها إن كانت تحتاج لشيء آخر ولكنها لم تجيب فقط هزت رأسها بامتنان واغلقت باب السيارة ومضت!!"
"في اليوم التالي تعمدت النزول من المنزل مبكرا ساعتين عن ميعاد المستشفى وانتويت أن أذهب حيث أنزلت الفتاة البيضاء بالأمس لأبحث عنها، وعندما وصلت عند البنك اليوناني في شارع صلاح الدين سألت أحد البوابين عن عمارة أحمد الباهي فأشار إلى إحدى البنايات الشاهقة ذات الطوابق العشرين وعندها أسقط في يدي كيف سأصل إليها الآن؟ هل سأجوب العشرين طابقا شقة بعد أخرى باحثا عن الفتاة البيضاءولما لم أجد وسيلة للبحث ذهبت للمستشفى ثم في اليوم التالي فكرت في حيلة قد أصل بها إلى فتاتي .. ذهبت إلى بواب عمارة الباهي وأنا أحمل علبة كبيرة بها تورتة وعليها شعار محل حلويات شهير في الزمالك وسالت البواب عن فتاة تلبس فستان سهرة أبيض وكانت عندنا في المحل أمس وطلبت هذه التورتة..نظر لي البواب بما معناه هل أنت مجنون؟ ثم قال لي ربما تكون في الطابق الثاني شقة الأستاذ مجدي أو الطابق السادس شقة مدام نادية ومن المستحيل أن تكون شقة مدام عايدة ولما سألته عن سبب استحالة مدام عايدة نظر لي مرة أخرى وقال كلاما غير مفهوم ولكن معناه اغرب عن وجهي!! وصعدت رأسا إلى شقة مدام عايدة لأنها غالبا هي المقصودة ..فتح الباب بعد خمس دقائق كاملة من دقي للجرس وظهرت سيدة سبعينية من خلفها صالون واسع جدا به كل شيء مذهب الكراسي والأرائك والنجف والتحف والسجاد كل شيء ذهبي وهناك إطار عملاق ربما يتجاوز المترين طولا على الحائط يحيط بصورة الفتاة البيضاء كما رايتها في الليلة السابقة.
بعد السلام والتحية والتعارف وبعد أن شربت القهوة سالتني مدام عايدة عن السبب الذي يدعوني لأن أطلب مقابلة ابنتها فقلت لها أنني أوصلتها للمنزل ليلة أول امس وأريد أن أكمل كلامي معها..عندها قامت مدام عايدة من مجلسها ونظرت للصورة ولم ترد ما أعطاني انطباعا بأنني في فيلم عربي خمسيناتي، استدارت المرأة وجلست وهي تنظر لي من وراء نظارتها الطبية وتقول ولكن ابنتي ماتت في حادثة سير منذ أكثر من ثلاث سنوات فكيف بالله عليك تقول أنك أوصلتها بسيارتك؟؟!!

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق