أدى التحية العسكرية ثم أدار نفسه ومشى بخطوات ثابتة نحو باب وحدته, حتى خرج من الباب وهو منتشيا بنفسه مع الآخرين, خرج وهو مليء بالفخر لأنه أحد القوات الذين عبروا وكتب النصر على أيديهم, وكان سر سعادته الغامرة أنه مازال حيا مع بقية رفاقه منتصرا وحرا, و هذه أول أجازاته بعد المعركة المجيدة, انطلق مسرعا نحو القطار الذي كان لا يأمل أن يركبه مرة أخرى, وركب القطار وهو لا يصدق نفسه , هل سيرجع مرة أخرى إلى أهله وبيته والمكان الذي تربى فيه ؟ , ولم يستطيع أن يصدق نفسه بأن الأمور انتهت لما انتهت عليه, ومن ثم كانت فرحته مزدوجة بالنصر وبالرجوع للأهل, وغمره الارتياح لمجرد تفكيره بأنه سيرجع إلى خطيبته التي ظلت تنتظره على أحر من الجمر والذي طال فراقها له و كان – و مازال - يحلم جل ما يحلم أن يرجع لها سالما حاملا لرايات النصر ومعه المأذون.
ظل يرقب الجالسين حوله بشغف مبتسم يحاول أن يخبرهم بوجهه كم هو سعيد بالرجوع, وأثناء نظره من نافذة القطار يقرأ اللافتات وأسماء المحال التي تتوالى بالظهور أمام عينيه تذكر الحلوى التي تعلم بل و صار يجيد ويتقن صنعها تحقيقا لما كان يحلم به منذ صغره, وهو أن يمتلك محلا للحلوى, حتى أنه وكلما وقعت عيناه على محل يخاله محله المنشود.
و إذ به يرى طفل يلعب ويقذف القطار بالحجارة لاعبا غير عابئ بما يحدث, فلا تحدثه نفسه وقتها إلا عن حلمه الآخر وهو الأطفال التي سينجبها وكم كان يأمل أن يرزقه الله بولد ويسميه أحمد تخليدا لاسم شقيقه الراحل,
ويتخيله أمامه يلهو ويكبر ويدخل الجامعة حتى يزوجه بنت الحلال, كانت أحلام هذا الجندي العائد كبيرة وكثيرة, و كثيرا ما كان يحلم ولم يكن يعبأ بما سيحقق من أحلامه كان كل ما يهمه هو – فقط - أن يحلم ويعيش مع حلمه قصة كاملة, وظل يحلم هكذا بكل شيء يراه دفعا للملل من طول الطريق, فقد كان الحلم بالنسبة له ماءه التي يشربها وهوائه الذي يتنفسه, وظل هكذا حتى انتهي الطريق الطويل الذي دام أربعة ساعات وهو راكبا لقطار السويس الذي ينتهي بهم في مدينة عين شمس, ومع صوت فرامل القطار الذي كان إيذانا بنهاية حلمه - وكأنه نفير الصباح في الجيش حينما كان يصحو كل يوم لأداء التمارين القتالية – خرج من إطار أحلامه المتواصلة ونزل من القطار و الدنيا ممتلئة عليه فرحا.
ويتخيله أمامه يلهو ويكبر ويدخل الجامعة حتى يزوجه بنت الحلال, كانت أحلام هذا الجندي العائد كبيرة وكثيرة, و كثيرا ما كان يحلم ولم يكن يعبأ بما سيحقق من أحلامه كان كل ما يهمه هو – فقط - أن يحلم ويعيش مع حلمه قصة كاملة, وظل يحلم هكذا بكل شيء يراه دفعا للملل من طول الطريق, فقد كان الحلم بالنسبة له ماءه التي يشربها وهوائه الذي يتنفسه, وظل هكذا حتى انتهي الطريق الطويل الذي دام أربعة ساعات وهو راكبا لقطار السويس الذي ينتهي بهم في مدينة عين شمس, ومع صوت فرامل القطار الذي كان إيذانا بنهاية حلمه - وكأنه نفير الصباح في الجيش حينما كان يصحو كل يوم لأداء التمارين القتالية – خرج من إطار أحلامه المتواصلة ونزل من القطار و الدنيا ممتلئة عليه فرحا.
يحدق في الجميع باحثا عن خطيبته التي تنتظره, مع تردد جملتها الأخيرة له في ذهنه " سوف أنتظرك على أحر من الجمر يا حبيبي " كان يسمعها في أذنه وكأنه سمعها منها بقلبه النابض دوما بحبها, واكتملت فرحته برؤيتها وهي تشير إليه من بعيد وتلوح بيديها الصغيرتين, و لم يكن يصدق نفسه كان يظن أنه يحلم كما تعود دائما فلم يشعر بنفسه وهو يجري مسرعا نحوها, تمنى ساعتها لو أنه تحول لطائر صغير كي يصل إليها بأقصى سرعة في إمكانه, ولم يكد يصل إليها حتى ناداه أحد زملائه مذكرا إياه أنه نسى حقيبته في القطار, فتذكر أنه نسيها حقا من فرحته بالعودة إلى حبيبته, وجري بسرعة لكي يلحق القطار قبل أن يقلع.
وكأن القطار يعانده فقد تحرك بالفعل في طريقه للعودة, وظل صاحبنا يجري بسرعة لكي يلحقه حتى وصل إليه بالفعل, لكن القطار أسرع أكثر و حاول هو أن يكون بسرعة القطار لكي يصعد فيه مرة أخرى, إلا أنه وهو يحاول الصعود انزلقت قدمه اليسرى فارتبكت حركته مما جعله يسقط بين الرصيف وبين القطار فما كان من جسمه إلا أن انزلق تحت القطار مرة واحدة فمات في الفور, وغادر القطار المحطة وصاحبنا جثة ممزقة على القضبان لكن الغريب أن بريق عينيه لم ينطفئ بل ظل متوهجا وكأنه حي وكأنه مازال يحلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق